البكاء هو مظهر من مظاهر انفعال النفس الإنسانية كما إنه أي البكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ؛ كما ذكر أهل التفسير، فقد قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى :وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى)[النجم 43]:" أي قضى أسباب الضحك والبكاء. وقال عطاء بن أبي مسلم: يعني أفرح وأحزن؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء...
و لقد ذكر القرآن البكاء في عدة مواضع فمدح البكائيين من معرفة الله و خشيته كقوله تعالى :وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ)[الإسراء 109]:" هذه مبالغةٌ في صفتهم ومدحٌ لهم؛ وحُقَّ لكلّ من توسّم بالعلم وحصّل منه، بل إن القرآن لام من يسمعون القرآن و يبكون مقرين بذنوبهم ، و كذلك قوله تعالى: وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ):" قال تعالى: أَفَمِنْ هَـذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ)[النجم 59-61]: قال شيخ المفسِّرين أبو جعفر الطبري فـي تأويـل "لا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله؛ وأنتم من أهل معاصيه، (وأنْتُمْ سامِدُونَ) يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبَر والذِّكْر، مُعْرِضُون عن آياته!"
كما روى البخاري في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه...)، وفيه (ورجلٌ ذكر الله ففاضتْ عيناه)، وفي أبواب المساجد (ذكر الله خاليا).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وقد ورد في البكاء من خشية الله على وفق لفظ الترجمة حديث أبي ريحانة رفعه (حرّمتُ النار على عينٍ بكتْ من خشية الله) الحديث أخرجه أحمد والنسائي وصحّحه الحاكم، وللترمذي نحوه عن ابن عباس ولفظه (لا تمسّها النار) وقال: حسن غريب، وعن أنس نحوه عند أبي يعلى، وعن أبي هريرة بلفظ (لا يلج النارَ رجلٌ بكى من خشية الله) الحديث وصحّحه الترمذي والحاكم".
و قال تعالى: وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ):" هذه أحوال العلماء...كما قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) [الزمر 23]. وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)[الأنفال 2]
و قوله تعالـى: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء 109]:"يقول تعالـى ذكره: ويخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلـم ـ من مؤمنـي أهل الكتابـين من قبل نزول الفرقان ـ إذا يُتْلَـى علـيهم القرآن لأذقانهم يبكون؛ ويزيدهم ما فـي القرآن من الـمواعظ والعِبَرِ خُشوعا؛ يعنـي خُضوعاً لأمر الله وطاعته، واستكانةً له.
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ويخرّون للأذقان يبكون)[الإسراء 109]:"أي خضوعاً لله عز وجل، وإيماناً وتصديقاً بكتابه ورسوله"
وأورد حديث أسامة بن زيد الذي رواه الشيخان (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفِع إليه ابنُ ابنتِه وهو في الموت؛ ففاضتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمةٌ جعلها الله تعالى في قلوب عباده؛ وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)!
وذكر حديث أنس عند البخاري ـ وشاركه مسلم في بعضه ـ (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وهو يجود بنفسه؛ فجعلتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان؛ فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنتَ يا رسولَ الله؟! فقال: يا ابنَ عوف إنها رحمةٌ، ثم أتبعها بأخرى فقال: إنّ العين تدمع، والقلب يحزن؛ ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا، وإنّا لفراقِك يا إبراهيم لمحزونون)!
وقد قال ابن كثير في تفسيروإذا تُتْلى عليهم آياتُ الرحمن خرُّوا سُجَّداً وبُكِيّاً)[مريم 58]:"سجدوا لربّهم؛ خضوعاً واستكانةً وحمداً وشكراً على ما هم فيه من النّعم العظيمة...فلهذا أجمع العلماء على شرعيّة السجود ها هنا؛ إقتداء بهم، وإتباعا لمنوالهم!
من تلك الآيات و الأحاديث يتبين لنا أن الإسلام قد رغب في البكاء من خشية الله تعالى و حبب فيه كتعبير عن مظهر من مظاهر الخوف و الخشية لله عز و جل .
فـوائـد البكـاء الصحيـة :
فوائد البكاء ، وعملها في الإنسان من الناحية الفيزيولوجية فهي محط نقاش واكتشاف، وأما من الناحية النفسية فهي جلاء للهموم والتماس للراحة ورقة للقلب ونقاوة للنفس وهي بالنهاية ملجأ كل مصاب يسلو إليها ويرى عزاءه فيها.
يقول الدكتور عادل الشافعي: البكاء هو نعمة من الله. لأنه اصدق تعبير عن المشاعر الإنسانية فالطفل الصغير يبكي فنلبي حاجته وهنا البكاء أداة تعبير وحيدة تعوضه عن الكلام والحركة حتى يتمكن من التواصل مع الآخرين. أما بالنسبة للكبار فالأمر يختلف. عندما نحزن نبكي. وعندما نفرح نبكي.. فما هو البكاء؟ من الناحية الطبية هو خروج ما تفرزه الغدد الدمعية لوسط العين ويصاحبه سيلان مائي بالأنف والبلعوم وتقلص للعضلات العينية مع قبض عضلات الوجه والبطن وارتفاع بالحجاب الحاجز.
وأحيانا يرافقه سعال خفيف. هذا ما يحدث للجسم فهل له فائدة طبية.. نعم ـ البكاء كالمطر ـ لان البكاء يحدث نتيجة شحن العواطف بالانفعالات النفسية فتعمل على حث المراكز السمباثوية بالجهاز العصبي فترسل إشارات للغدد الدمعية بالتحضير والانقباض وارتخاء القنوات الدمعية فتندفع الدموع خارج الغدة للعين فتغسلها وتنقيها تماماً من اي ميكروبات أو افرازات أخرى وبعض من هذه الدموع يصل للأنف عن طريق قناة توصل بينهم مما يساعد على تطهير الأنف ونزول السائل منها فالسائل الدمعي يحتوي على سائل نقي به بعض الأملاح والمواد التي تفرز من الغدد الدمعية لذا فهو ذو طعم مالح قليلاً مما يساعده على تعقيم العين والملتحمة.
وهذا ما يحدث للمطر حين تحتقن السماء بالغيوم والسحاب فتأتي الرياح فتحركها ليسقط المطر الذي يغسل الأشجار والطرق وكل ما على الأرض فترى الأماكن كأنها غسلت من جديد.. هذا ما يحدث للإنسان بعد البكاء يستلقي ويهدأ ويبدأ من جديد.
ويضيف أما من الناحية النفسية؛ فالبكاء المخرج الأفضل لكل التوترات النفسية والانفعالات لأنه لو أخفى الإنسان هذه التغيرات النفسية والعصبية بداعي الرجولة والخوف من الضعف أمام الآخرين أو الشعور بالانهزامية. فهنا تكمن الخطورة. حيث سيعاني من العقد والمشكلات التي يزخر بها الطب النفسي، أو الطبية حيث سيؤدي ذلك لارتفاع ضغط الدم المنتشر كثيراً هذه الأيام وربما لإظهار داء السكري إذا كانت عنده ميول أو تاريخ اسري للسكري. كذلك حبس البكاء والمشاعر كثيراً ما يؤدي إلى تقرح بالمعدة وأمراض القولون العصبي ولهذا نجد أن النساء وهن أكثر قدرة على البكاء بسبب الاختلاف الفسيولوجي والهرموني عن الرجال ولأن البكاء ربما يكون مظهراً مقبولاً من السيدة كتعبير عن الرقة أو الضعف أو الشفافية لهذا نجد أنهن اقل عرضة لكثير من الأمراض التي تنجم عن عدم البكاء. لذلك علينا إلا نحرم أنفسنا رجالاً ونساءً من البكاء إن طاب لنا ترطيباً للنفس وحرصاً على الصحة حتى ولو من وراء حجاب.
حمـايـة القرنيـة
ومن جهته يقول الدكتور سمير جمال (طبيب عيون): لا يشكل البكاء غسولا للعين فقط وإنما للنفس أيضا ولفهم فوائد البكاء بتفصيل أكبر لابد من التحدث قليلا عن ماهية الدمع ووظائفه حيث انه يشكل المادة الأساسية للبكاء وهو سائل كالبلازما الدموية (المصورة) دون وجود كريات دم وهو غني بالبوتاسيوم (أربعة أضعاف تركيزه في الدم) ويحتوي على عناصر مناعية دفاعية وهي الجلوبولينات المناعية وخاصة IGA (200 ملغ/ل) وكذلك IGM وIGE ودورها معروف في الدفاع عن الجسم ضد الأخطار الخارجية كالجراثيم والفيروسات وكذلك على خميرة انزيم الليزوزيم (15 جرام/لتر) وهي خميرة ذات قدرة كبيرة مضادة للبكتيريا وذلك بحلها للغلاف الخلوي لبعض الجراثيم «موجبة الجرام» لاحتوائها على مورامينيدايز.
وكذلك يحتوي الدمع على اللاكتوفيرين وهي مادة بروتينية ذات خاصية جذب عالية لعنصر الحديد الضروري لنمو البكتيريا، وبالتالي تلعب دورا أساسيا في مقاومة البكتيريا وكذلك دورا في تعديل الجذور الحرة وخاصة جذر الهيدروكسي الضار لخلايا الجسم وأيضا تلعب دورا مثبطا للمتممة وهذا يمنح الدمع دورا مضادا للالتهابات أيضا.
وكذلك الشوارد المغذية الأخرى والأوكسجين والجلوكوز. والإفراز الدمعي نوعان أساسيان يمثلهما الشريط الدمعي (بسمك 8 ميكرونات) المؤلف من ثلاث طبقات من الخارج الى الداخل، دهنية.. مائية.. مخاطية ويلعب رفيف الأجفان دورا أساسيا في تكوينه ويفرز من قبل غدد الدمع الملحقة بالأجفان وهو ثابت وموجود دائما لحماية القرنية والملتحمة.
والنوع الثاني للإفراز الدمعي هو الانعكاسي وهو ناجم عن إفراز مائي غزير للغدة الدمعية الأساسية الموجودة في أعلى وخارج جوف الحجاج أو مركزي وذلك بتنبيه العصب الدمعي المفرز للغدة الوارد عن طريق العصب السابع، ويجري الدمع من الزاوية أعلى وخارج العين (اللحاظ) الى الزاوية الداخلية (الموق) حيث يزول ثلاثة أرباعه عن طريق نقطتين صغيرتين في الأجفان نحو قنينتين دمعيتين فكيس الدمع ثم القناة الدمعية الأنفية نحو تجويف الأنف بآلية فاعلة لوجود مضخة ماصة للدمع.
ويواصل: أما ربع الدمع فيطرح عن طريق التبخر وفي الحالة الطبيعية تستوعب العين الرتوج الملتحمة وسطح القرنية الملتحمة والطرق المفرغة بحدود (30 ميكرولترات) من الدمع وكل ما يزيد على ذلك يفيض ويسيل خارج الأجفان وهو ما نسميه بالدماغ، وهذا ما يخلص العين من الأجسام العالقة كالغبار في حال تخريشها، إذن نستطيع أن نلخص فوائد الدمع بأشكال الحماية المختلفة التي يؤمنها للعين كالحماية الميكانيكية والبصرية وهو يشكل حاجزا مقاوما وسطحا انزلاقيا ممتازة أو مرطبا دائما للعين وحافظا للحرارة السطحية يحميها من الجفاف ويؤمن سطحا بصريا منتظما.
وبوجود المخاطية في الشريط الدمعي يلتقط الجزيئات الغريبة والبكتيريا العالقة حيث يؤمن رفيف الاجفان طرحها خارجا، ومن الحمايات ايضا حماية مضادة للبكتيريا وحماية فيزيائية بتغيير درجة حمض الدمع مما يجعلها وسطا غير ملائم لنمو الجراثيم الممرضة وحماية كيميائية كوجود عناصر ليزوزيم والاكتوفيرين معدلة الديفانات المفرزة من قبل بعض الجراثيم، وحماية مناعية دفاعية وحماية علاجية، حيث يشكل الشريط الدمعي وسطا ممتازا لاستقبال الادوية الموضعية وحماية غذائية حيث يغذي القرنية والملتحمة باستمرار فهو وسط تبادلي فعال للاوكسجين والجولوكوز والشوارد وبقية العناصر.
ونجد مما سبق أن للدمع فوائد جمة بشكليه الأساسي والانعكاسي كحال البكاء والضحك أو أية شدة نفسية وما فائض الدمع لأي سبب كان إلا عاملا مهما يخلّص العين ليس فقط من السموم ولكنه يساعد البدن أيضا على طرح سمومه وبالتالي راحة النفس ويبقىالضحك خير من البكاء.
بكـاء الأحشـاء
ويقول الدكتور عدنان فضلي استشاري الطب النفسي: نعم، نحن ننصح المريض أو أي فرد يتعرض لمواقف محزنة أو مؤلمة إن يعبر عن شعوره بالبكاء، فمن خلال البكاء يشعر الإنسان بالارتياح من ثقل يتعب كاهله، وان الكبت قد يؤدي إلى نتائج وخيمة والمصابون بالاكتئاب هم أكثر الناس عرضة للبكاء حيث يجد المريض متنفسا لهمومه، غير انه في حالات الاكتئاب الشديدة تستعصي الدموع حيث يتمنى المريض لو انه يستطيع البكاء.. حتماً إن البكاء يخفف من حدة التوتر والضغوط النفسية والنساء هن أسرع في البكاء من الرجال بحكم تكوينهن البيولوجي، فكثير من الرجال «يبكون بصمت»! فطالما سألت رجالا يعانون من الاكتئاب، هل تنتابهم نوبات بكاء فيجيبوا بإباء وشمم كما يقولون «عيب على الرجل ان يبكي»! عندما فجعت شاعرتنا العربية الخنساء بأخيها صخر ملأت الدنيا صراخا وبكاء، وهي التي قالت لولا هذا البكاء سواء منفردة أو مع الآخرين لحاولت الانتحار!! ومن الناس ممن يتألمون أو يحزنون يلجأون لتناول المهدئات أو الخمر للتغلب على مظاهر الأسى والحزن وهذا نوع من الكبت، والذي قد يظهر فيما بعد على شكل اضطراب نفسي شديد ولو بعد حين، ان كبت مشاعر الحزن وعدم التعبير عنها قد يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأمراض العضوية كتقرح الأمعاء أو قرحة المعدة، وذلك بسبب التوترات والضغوط المتواصلة ويمكن تلخيصها بمقولة أحد الأطباء النفسانيين: أن الدموع التي لا تجد لها منفذاً من العيون تجعل الأحشاء تبكي!! ويقول الدكتور يوسف عبدالفتاح طبيب نفسي: بكاء الأطفال أحد مظاهر الطفولة النمائية فقد ارتبط البكاء بالطفولة، حيث شاع القول لمن يبكي من الكبار انه يبكي مثل الأطفال.
ويؤدي البكاء وظيفة سيكولوجية مهمة بالنسبة للطفل فهو بمثابة التنفيس الانفعالي والتعبير السلوكي عن مشاعر الغضب أو الحزن أو الرفض لما يتعرض له ويشعر به وهذا أمر لازم وضروري لإخراج هذه الطاقة الانفعالية المكبوتة، ويرى علماء النفس أن البكاء شأنه شأن سلوكيات أخرى تستخدم للتنفيس الانفعالي أو تفريغ الشحنة الانفعالية الكامنة في الشخصية فالبكاء والصياح والصوت الحاد المرتفع وتخريب الألعاب أو الممتلكات والتململ كلها وسائل تعبيرية عن حالة انفعالية مرتبطة بالغضب أو الحزن، ولما كان الإحباط الذي يتعرض له الطفل يولد شحنة نفسية عدوانية فإن البكاء يعد بمثابة التعبير عن هذه الشحنة والتخلص منها، وكف البكاء أو عدم البكاء قد يكون مؤشراً لكبت هذه الشحنة الانفعالية في النفس، وقد تنتقل إلى اللاشعور حيث ينساها الطفل لكنها لا تختفي تماما وتبقى لتعبر عن نفسها في الكبر بأساليب رمزية أو مرضية كالقلق والعدوان المدمر الظاهر كلما اتيحت الفرصة للطفل
وقد وجد حديثاً أن هناك علاقة وثيقة بين الوظائف الفسيولوجية والسيكولوجية للانفعالات عموماً، ووسائل التعبير عنها، سواء بالبكاء أو غيره من الأساليب، فقد تبين مثلاً ان البكاء ينشط الغدد الدمعية ويغسل مقلة العين ويطهرها ويقلل من الضغط الذي نتعرض له، كما تبين انه يؤثر على الأجهزة الفسيولوجية الأخرى مثل الشرايين والأعصاب التي تصبح متوترة في حالة الانفعال، كما تزداد ضربات القلب ومعدل النبض والتعرق ويزيد إفراز الأدرينالين من الكليتين، وهي من المؤشرات الفسيولوجية للقلق والاضطراب الانفعالي لدى الطفل الذي لا تلبث أن تخف حدتها بعد نوبة البكاء وتفريغ الطاقة والشحنة الانفعالية التي لدى الطفل، لذلك يجب ألا ينزعج الآباء والأمهات من بكاء أطفالهم باعتباره أحد وسائل التنفيس كما ذكرنا وبالتعلم الاجتماعي تقل نوبات البكاء لدى الطفل حين يعرف أن البكاء وحده ليس كافياً لتحقيق ما يريد وتغيير العالم المحيط به.