السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- اقدم لكم موضوع حول : شهادة لا إله إلا الله معناها وفضلها للعلامة د. عبدالله بن جبرين
معنى شهادة ( لا إله إلا الله ) إجمالاً: لا معبود بحق إلا الله تعالىأي
أنه لا أحد يستحق أن يعبد إلا الله تعالى، فلا يجوز أن يدعى إلا الله
تعالى، ولا يجوز أن يصلى، أو ينذر، أو يذبخ، إلا لله تعالى وهكذا بقية
أنواع العبادة.
قال علامة اليمن الإمام المجتهد محمد بن إسماعيل الصنعاني: ( ومعناها: إفراد الله بالعبادة والإلهية، والبراءة من كل معبود دونه ) .
فـ ( لا ) نافية للجنس. و ( إله ) اسمها، وخبرها محذوف تقديره ( حق ).
و ( إله ) من ( أَله ) بالفتح، ( يأله )، ( إلاهه )، والمعنى ( عبد )، ( يعبد )، ( عبادة ) .
و ( الإله ) هو المعبود المطاع، الذي تألهه القلوب بالمحبة، والتعظيم، والخضوع، والخوف، وتوابع ذلك من بقية أنواع العبادة.
واسم ( الله ) علم على ذات الرب تعالى المقدسة، لا يطلق إلا عليه سبحانه
وتعالى، وأصله ( إله ) حذفت الهمزة، وعوض مكانها ( أل ) التعريف .
فهذه الكلمة العظيمة تشتمل على ركنين أساسين:
الأول: ( النفي )، وهو نفي الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى، ويدل عليه
كلمة ( لا إله ) فهي تنفي أن يكون غير الله تعالى مستحقاً للعبادة.
الثاني: ( الإثبات )، وهو إثبات الإلهية لله تعالى، ويدل عليه كلمة ( إلا
الله) فهي تثبت أن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له فالله
جل وعلا هو المستحق للعبادة وحده؛ لأنه الخالق، الرازق، المالك، المدبر
لجميع الأمور، فيجب على جميع العباد أن يفردوه بالعبادة شكراً له على نعمه
العظيمة عليهم، كما سبق بيان ذلك مفصلاً عند الكلام على توحيد الربوبية.
فهذه الكلمة هي حقاً: كلمة التوحيد، والعروة الوثقى، وكلمة التقوى، وفي
شأنها تكون السعادة والشقاوة، في الدنيا، وفي القبر، ويوم القيامة،
فبالتزامها والقيام بحقوقها تثقل الموازين، وبه تكون النجاة من النار بعد
الورود، والفوز بجنات النعيم، وبعدم التزامها أو التفريط في حقوقها تخف
الموازين، ويكون العذاب في القبر، وفي يوم القيامة، وفي نار الجحيم.
وهي حق الله على جميع العباد، وهي أول واجب، وآخر واجب، فهي أول ما يدخل به العبد في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا شروطها ونواقضها:
دلت النصوص الشرعية الكثيرة على أن الفوائد والفضائل العظيمة لكلمة التوحيد
( لا إله إلا الله )، التي سبقت الإشارة إلى بعضها، والتي من أهمها: الحكم
بإسلام صاحبها، وعصمة دمه، وماله، وعرضه، ودخول الجنة، وعدم الخلود في
النار، أنها لا تحصل لكل من نطق بهذه الكلمة، بل لا بد من توافر جميع
شروطها، وانتفاء جميع نواقضها، فكما أن الصلاة لا تقبل ولا تنفع صاحبها إلا
إذا توافرت جميع شروطها: من الوضوء واستقبال القبلة وغيرهما، وانتفت
مبطلاتها، كالكلام، والضحك، والأكل، والشرب وغيرها، فكذلك هذه الكلمة، لا
تنفع صاحبها إلا باستكمال شروطها، وانتفاء نواقضها.
ولذلك لما قيل لوهب بن منبه: ( أليس مفتاح الجنة: لا إله إلا الله ؟ قال:
بلى، ولكن ليس مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا
لم يفتح لك ). ولما قيل للحسن البصري: إن ناساً يقولون: من قال: لا إله إلا
الله دخل الجنة ؟ قال: ( من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل
الجنة ). ومن أجل عدم تحقق بعض هذه الشروط لم تنفع هذه الكلمة جميع
المنافقين الذين نطقوا بها، وفعل كثير منهم بعض شعائر الإسلام الظاهرة.
ويدل على وجوب توفر شروط هذه الكلمة وعلى وجوب انتفاء موانعها على وجه
الإجمال قوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا
قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على
الله) فيدخل في حقها: الإتيان بشروطها، واجتناب نواقضها [.
وقد دلت النصوص الشرعية على أن لهذه الكلمة العظيمة سبعة شروط، هي:
الشرط الأول: العلم بمعناها الذي تدل عليه، فيعلم أنه لا أحد يستحق
العبادة إلا الله تعالى، قال تعالى: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللَّهُ ( محمد: 19 ).
الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك، فلا بد أن يؤمن إيماناً جازماً بما تدل
عليه هذه الكلمة من أنه لا يستحق العبادة إلا الله تعالى فإن الإيمان لا
يكفي فيه إلا اليقين، لا الظن ولا التردد، قال تعالى: ( إِنَّمَا
المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ
يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات: 15). فمن كان غير جازم
في إيمانه بمدلول هذه الكلمة أو كان شاكًّا مرتابًا أو متوقفاً في ذلك لم
تنفعه هذه الكلمة شيئاً.
الشرط الثالث: القبول المنافي للرد، فيقبل بقلبه ولسانه جميع ما دلت عليه
هذه الكلمة، ويؤمن بأنه حق وعدل، قال الله تعالى عن المشركين: ( إِنَّهُمْ
كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ *
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) (
الصافات: 35-36 ).
فمن نطق بهذه الكلمة ولم يقبل بعض ما دلت عليه إما كبرًا، أو حسدًا، أو لغير ذلك، فإنه لا يستفيد من هذه الكلمة شيئًا.
فمن لم يقبل أن تكون العبادة لله وحده، ومن ذلك عدم قبول التحاكم إلى شرعه
أو لم يقبل بطلان دين المشركين من عُبَّاد الأصنام، أو عُبَّاد القبور، أو
اليهود، أو النصارى، أو غيرهم، فليس بمسلم.
الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك، فينقاد بجوارحه، بفعل ما دلت عليه
هذه الكلمة من عبادة الله وحده، قال الله تعالى: ( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ
إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) ( لقمان: 22 ) ومعنى (
يسلم وجهه ): ينقاد، ومعنى ( وهو محسن ): أي موحد.
فمن قالها وعرف معناها ولم ينقد للإتيان بحقوقها ولوازمها من عبادة الله
والعمل بشرائع الإسلام، ولم يعمل إلا ما يوافق هواه أو ما فيه تحصيل دنياه
لم يستفد من هذه الكلمة شيئاً.
الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب، وهو أن يقول هذه الكلمة صدقاً من قلبه،
يوافق قلبه لسانه، قال الله تعالى: ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن
يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ
فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ) ( العنكبوت: 1-3 ).
ولذلك لم ينتفع المنافقون من نطقهم بهذه الكلمة؛ لأن قلوبهم مكذبة بمدلولها، فهم يقولونها كذباً ونفاقاً.
الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك، فلا بد من تصفية العمل بصالح النية
عن جميع شوائب الشرك، قال الله تعالى: ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ
الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ) (
الزمر: 2 ). فمن أشرك بالله تعالى في أي نوع من أنواع العبادة لم تنفعه هذه
الكلمة.
الشرط السابع: المحبة، فلابد أن يحب المسلم هذه الكلمة ويحب ما دلت عليه،
ويحب أهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها، ويبغض ما ناقض ذلك. قال تعالى:
( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ
لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ
القُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العَذَابِ ) ( البقرة:
165 ).
أما نواقض ( لا إله إلا الله )، وتسمى ( نواقض الإسلام )، ( نواقض التوحيد
)، وهي الخصال التي تحصل بها الردة عن دين الإسلام، فهي كثيرة، وقد ذكر
بعضهم أنها تصل إلى أربعمائة ناقض .
وهذه النواقض تجتمع في ثلاثة نواقض رئيسة، هي:
1- الشرك الأكبر. 2- الكفر الأكبر. 3- النفاق الاعتقادي