نهاية عاشقان
لم يجرؤ احدا على اختراق ذلك القلب المحصن من قبل, بل ولم يكن ليعتقد احدا انها ستقع في حب احدا كهذا
الرجل لانها اعتقدت لفترة طويلة ان الرجولة انقرضت مع موت والدها....لطالما كانت تجد فيه حبه...كان يملؤ قلبها
... فلم يكن يجرؤ احد ان يدق ذلك الحصن الحديدي بين خافقيها... وبعد مماته لم تعرف ما تحب فكان هناك فراغ كبير
حاولت ملأه بحب الوطن....فكان ذلك... احبت ارضا ووطنا ..وقفت وعاشت دوما لاجله, حتى ذلك اليوم الغريب..
الكل يقول عنه غريب . لقد تم غزو بلادها من قبل دولة شقيقة او هكذا المفترض...كان عدوها...فلم تعرف ما تفعل
اتقاتله وهو اخوها او تسكت لاحتلال ارضها حبها الابدي.
لكن قررت بعد ذلك ان تدخل في مقاومة شرسة وتبقى محافظة على حبها لوطنها واستمرت هذه المقاومة اياما واسابيع..
حتى التقت به ..كان يلبس لباسا عسكريا كاملا... يتحدث مع زميله .. فكان المفترض منها ان تذهب لتاسره
او تقتله فمهما كان هو عدوها...
وحبن اقتربت متنكرة بزي عجوز...سمعته يتحدث بغضب عن قيام دولته بهذه الاعتداءات وانه لم يكن من المفترض ذلك...
صعقت هي فأعاقها هذا الامر بعض الشيء عن التقدم... حتى هو هرول اليها وقال لها دعيني اساعدك يا سيدتي...
حينها وقعت في ذلك الشباك الذي يسمى بالحب... نسيت ما كانت تفكر به وعرفت ان ذلك الحصن استسلم لاول
دقة على ابوابه ... غضبت من نفسها وضربته على راسه هو وزميله... واقتداته مع ثلة من زملائها الى الاسر...
وعند تفتيشه وجدت في جيبه مصحفا ووصية...كتب فيها عن وفاته ان يدفن في هذه الارض لانه لم يكن يقبل بهذا الامر
... قرأتها وضمتها وبكت ... لم تبكي منذ سنين فلربما هو الحب... بدأت تقترب منه لتتحدث اليه فتقول له محاولة ان تظهر
غضبا مزيفا...(انتم اتيتم لتسرقوا ارضي.. وهي حبي الوحيد.)
ابتسم هو وقال: ( انت اجمل سجانة رأيتها في الوجود . )
اخفت سرورها وقالت له: (اذا رايت غيري الكثير في السجون)
ابتسم ورد عليها : (لو كنت اعلم ان هناك جميلات مثلك يحرسن سجني لاستسلمت على الفور , ما انتظرتك تضربيني)
قالت: (اذا اقترح ان تضع دعاية لجيشك كي يستسلم)
قال : (في الحقيقة في بلادي كل النساء جميلات ...)
قالت : ( اذا انت تحاول ان تخدعني وتقول باني جميلة .)
قال : ( انت جميلة وذكية وقوية وشجاعة...)
قالت مقاطعة (انتظر تمهل ربما اكتب لزوجتك ما تقول الان...)
قال انت فعلا ذكية....)
قالت : اذا مرتطب .. (فاجابها ...نعم) ...احست كأنها قتلت فاستدرك الوضع قائلا... لقد ارتبطت بفتاة تقيدني واحبها
, هل عرفت من هي؟!
فخرجت مسرعة من المكان , والفرح يملؤ عينيها ودخلت مكتبها وبدأت تنظر الى المرآة. لاتجد فيها سوى صورته.
جميلا وسيما. بعينيه البنيتن وبشرته السمراء وطوله وشخصه, ولكن توقفي لحظة...
.....
ولكن توقفي لحظة انه الان بمثابة عدوك عدو وطنك , تسال نفسها وتجيب, ولكن لماذا اتى الى هنا اذا كان رافضا ,
ليقتل شعبي ويسرق ارضي, وبين كل هذا الحديث والضوضاء والاسئلة يرن جرس الهاتف , واذا به مسؤول الفرقة
يأمر بأن ينقل جميع الاسرى الى معتقل اخر , ماذا تفعل الان انهم يحاولون سرقة القلب ومن دون القلب لا يسير اي
عضو في الجسد....
.....
لن تطبق الامر. وانها ستبقيه وحيدا معها وتستمر في الحديث معه والنظر اليه.او لربما يهربان معا وينسيان كل الظروف
الاخرى...... لم تدرك انه اصبح حتما مقضيا. وسينزعونه وربما سيعذبونه . او يحاكمونه
وهي تبقى بلا قلب طوال العمر.
فجأة لمعت في ذهنها فكرة ... ستضحي لاجله .... ستقول انه تمرد واحدث شغبا
وانها اضطرت لقتله... ولكنها في الحقيقة ستقوم بتهريبه... سيكون بعيدا عنها وكنه سيكون سعيد وهذا ما هي تريد...
هل ستدوس على جراحها وتبعده وتتركه سعيدا ....اذا هي لن ترى تلك العينان او تلك الابتسامة الاخاذة .
.....
يخاطبها عقلها... لماذا تصارعين انت تريدين ان تبعديه وتعيدي ذلك الحصن المنيع القاسي... ولكن قلبها يقول....
الحب ما اجمله عندما يكون ممنوعا.... , كلما ابتعد عنك, تشتاقين اليه ... توقفت قليلا وسألت نفسها ولكن هل هو
يحبني حقا كما قال ... هل هو مستعدُ للتضحية من اجلي؟؟؟!!
قررت ان تذهب لتعرف الامر بنفسها ان تذهب اليه .. وضعت الكحل في عينيها العسليتين كما لم تفعل من قبل
... فبدتا كبعد رابع صافيتين حنونتين... ذهبت اليه ... عندما وصلت كانت الصدمة...
ما الذي تراه... لم تجد احدا هناك , وحين سالت : اجابوها انه تم ترحيلهم ... وقالوا لها انه هناك سجينا كان يسأل عنك
وترك لك رسالة في السجن...
دخلت هناك ولكنها لم تجد اي ورقة .... اتجهت الى حيث كان يجلس ورات على الحائط ...كتب بدمه (أحبك)...
هرعت الى الخارج باكية لقد تيقنت انه احبها... حاولت اللحاق بهم .. في الطريق وجدت العديد من الالات المدمرة ....
ولكنها لم تسال الا عن شيء واحد (اين هو؟؟) سالت الدموع من عينيها وذهبت لتبحث عنه في وسط الركام...
وبقايا الجثث
... شاب اسمر طويل القامة.... لم تجده بقيت صامته ذاهلة لم تدري ما تفعل ... شلت الصدمة اطرافها واختلط الكحل
بحمرة الوجه الغاضب ... وبين كل ذاللك تراه قادما من بعيد ....يركض ويركض إليها .. عرفت انه هو احست بنبض
غريب وبدات تقف على قدميها من جديد ... ها هاو يقف امامها وبندقيته بيده.... نظر اليها .. وصوب بندقيته نحوها...
لم تدرك شيئا لانها استمرت في النظر الى عينيه ..... انهما لم تعودا تلمعان ويبدو فيهما قسوة غريبة .....
وبين كل هذا الصمت ... رأته يبكي وعاد البريق الى عينيه من جديد واسقط بندقيته ..... امسكت البندقية وقالت
.... اتمنى لو اكون مسجونتك
بشرط ان لا يكون في السجن نساء غيري.... واعطته البندقية وقالت... احببتك رجلا ... ولا تلزمني دموع الاولاد.......
لم يرد عليها ولم يجبها هل يحبها... تركته في صمته وركضت باكية وهو ينظر اليها وهي تبتعد ولم يتحرك حتى اختفت
من امام ناظريه....
مرت الايام تلو الايام والشهور ... حتى انتهت الحرب وخرجت القوات وعادت الى بلادها.. خرج هو وقد شطر نفسه
الى شطرين قلبا في هذا الوطن وجسدا في ارضه...... مرت على هذه الحادثة والحرب الان 3 سنوات فيها ازدادت
جمال وذكاء.... وهو ازداد صلابة وجمالا وقوة.... كل منهما يحلم في الاخر.... حلما ورديا لا افاقة منه...
حتى وصل كلاهماالى مراكز عليا في السلطة ... بعد ان اصطلحت بلادهم وعقدوا مؤتمرا... لعقد الصلحة...
تحضره كل الوفود... كان حفلا غنائيا
... سيقام على شرف ... هذه الوفود ... كانت تامل ان تلقاه هناك... وفي الحفل كانت تبحث عنه بين الوجوه... وهو كذلك ايضا
... لم يمل من كتابة الشعر والتغزل بها.. حتى امام الناس ...
وحدث في تلك الليلة ان اجتمعت كل الوفود للحفل.. دق قلبها نفس الدقة عندما كانت تبحث عنه في وسط الركام
... وجدته ... دق بقوة اكبر ... شعرت به قريبا منها ... بين ذللك يرتفع صوت المغنية
(طول عمري بخاف من الحب وسيرة الحب.. وسيرة الحب وظلم الحب.. الي كان صاحبه...وشفتك ولقيتك بتغير كل حياتي
... ما اعرفش ازاي يا حياتي.... بنظرة حب لقتني بحب...) انقطعت كلمات الاغنية في ذهنها وبدات تشعر بقربه منها
.... حتى نظرت الى يسارها فها هو هناك.. ازداد جمالا وقوة ..قام الجميع للتصفيق هي بقيت جالسة تنظر اليه..
همست باسمه وهو من بين الضجيج والاصوات مرتفعة كانه سمعها فالتفت اليها... والتقت عيناهما...
كأنماالتقى عطشان بماء بارد صافي... بدات تفيق من ذهولها... ووقعت عيناها على يده اليسرى....
فاذا به محبس زواج... كان اخر ما راته قبل ان تفيق في غرفة المستشفى حولها الكثير الكثير من الورود
.. كانت تبحث عنه من بين الجموع
... لم تجده . صرخت فيهم اخرجوا من هنا لا اريد ان ارى سواه... لقد عرف الجميع الخبر ... فقرروا ان يجعلوا منها
اسعد انسانة لكنه ايضا لم يكن يعرف عن خططهم .... وفي اليوم التالي , حضر هو لم يكن يحمل بيده الزهور بل
ورقة بيضاء .. وضعها بجنبها ثم ذهب... وحين افاقت ادركت انه كان هنا.. بحثت عن شيء يخصه فوجد تلك الورقة البيضاء..
اسرعت وفتحتها , واذا في داخلها خاتم كالدبلة... بل هو نفس الخاتم الذي كان يرتديه محفور اسمها عليه ...
اخذت تقرا الرسالة واذا بها... شايف البحر شو كبير.....
حينها ادركت انها ظلمته وبدات البكاء ..... دخل الجميع الى الغرفة اصدقائها ورفاق السلاح...
وجلبوا معهم اغلى مفاجأة ذلك الجزء من الحائط الذي كتب عليه في السجن(( احبك)) ... ومن كان يحمله
.... انه هو... تبددت الدموع بين بسمتها... وطلبوا منه ان يتكلم فقال:
تبدأ من نورك احلامي
وتمر على قلبي ذكرى
تجرح لي قلبي ووجداني
يا نصفي الاخر يا زمني
يا قلعة حبي وهيامي
يا رمز الثورة في نفسي
يا ابدع ما قال لساني
يا حبي الاوحد لست ارى
في غير سكوتك احزاني
انت مرآتي وطبيبي وجروحي
يا لوحة حب ارسمها... عنوان
فيها شيئان
اولهما... احبك يا شمسي
والثاني اتقبلين الزواج بي؟؟؟!
قالت: لا
صعق الجميع ... ولقد توقعوا ان توافق, اما هو فقد قام واتر الرحيل ولكنه عاد وهي ابتسمت,
ثم قال لها ودموع العين تملأ عينيه:
انا في عينيك نقطة الضوء التي عادت واضناها الحنين... انا ذلك العصفور ... سافر حيث سافر
... كم تمنى ثم ارقه الحنين
انا قطرة الماء التي طافت على الانهار
تلقي نفسها للموج حينا ثم ترفعها الشواطئ للسفينة
انا غنوة العشاق في كل المواسم
تشتهي صوتا يغنيها .... لكل العشاق
انا بسمة الفجر الغريب على ضفافك
جاء يستجديكي.. كيف سترحلين؟؟
انا عاشق والعشق اعصار يطاردنا ... تراك ستهربين؟؟
صلي لاجلي فاني سأموت مشتاق وانت تكابرين
هذي دمائي في يديكي تطهري منها
وانت امام ربك تسجدين
نظر الجميع اليها وكأنهم يتوسلون ... ان اعطفي عليه... ثم قالتت له وهو يهم بالرحيل....
ما ارتعشت يوما الا لك ... وما ملكت قلبي يوما الا ليديك... فلا تلقيه بعيدا عن ناظريك..
احببتك بددت بحبك اوراقي وبقايا اقلامي المهتزة.. ما استكثرت عليك شواطئ احلامي...
ما استكثرت عليك رواسي ايامي...
فلتربح انت اللعبة ... وليكفيني انا احلامي الطفلة
احلامي التي كنت دوما فارسها... وقائدها..وصانعها.... يا حارس مملكتي وحدودي
حدودي عينيك
حراسي جفنيك
يا لوحة حب ارسمها..... عنواني فيها لبيك.... يا دمعة فرح اعشقها... يا عمرا اهوى تبديده يا سعديك
اسرع اليها وقال: اذا انت موافقة
قالت:قال لي العلم والطب اني قريبا راحلة وساترك خلفي عالم وحبا
قال انت واهمة
قالت : لا قال الطبيب اني مصابة بمرض معدي... ولم يبقى لي الكثير
ذهل الجميع اما هو فقام ... وذهب ليحضر مشرطا ... فجرح اصبعه وجرح اصبعها..
ولصق الاصبعين ببعض.. وهي لا تدرك ما يفعله.... ثم قال لها: انتي الان انا وانا انتي سنموت سويا ...
اتقبلين الزواج بي...
قالت: نعم
لنعيش الحب في القرب سويا
ونعيش الموت في القبر سويا
....
حتى دفن العاشقان في نفس اليوم في نفس القبر
بعرف طويلة عليكم سامحوني على الاطالة